بسم الله الرحمن الرحيم
نــصــب عــلــنـــــي
المعروف أن النصب يختلف كثيرًا عن السرقة ، في السرقة يعمل السارق على أن يأخذ منك ما يريده دون رضالك أو موافقتك وغالبًا بدون علمك أيضًا ، أما في النصب فهو يعتمد على أن يأخذ منك ما يريد بعلمك ورضالك موافقتك التامة .. حيث يلعب النصب على وتر حساس دائمًا ألا وهو أطماع الإنسان .. لأن النصاب الجيد هو الذي يعلم أين تواجد مطامعك بالضبط ويدخل لك من هذه الجهة .
وبالطبع يكون هذا العمل في أضيق الحدود ويحرص النصاب على قلة عدد العارفين بالأمر حتى يسهل الفرار ويصبح الأمر في النهاية " القانون لا يحمي المغفلين " .
ولكننا الآن نشهد نوعًا جديدًا من أنواع النصب ، النصب العلني المعلن عنه في وسائل الإعلام وعلى شاشات الفضائيات ويلعب هذه المرة على أحلام الناس وأمراضهم :
- مريض سكر - أو أيًا من الأمراض المنتشرة في الفترة الأخيرة - إليك الحل الأمثل للشفاء من هذا الداء .. بلا .. بلا .. بلا .
- متزوج من 10 سنين ولم تنجب حتى الآن وتتمنى أن ترى طفل لك فأليك العلاج الأكيد ..بلا .. بلا .. بلا .
- وزنك زايد ، جسمك مترهل ويسبب لك مشاكل صحية ونفسية .. لا تقلق لدينا الحل ..بلا .. بلا .. بلا .
هذه عينه بسيطة جدًا من الإعلانات الكاذبة المدمرة لأحلام الكثيرين بعد الإنجراف في تيارها والتي نراها بشكل يومي على القنوات الفضائية والتي تتحدث عن علاجات طبية - غالبها أعشاب - غير ذات نفعًا في شيء .. فالمعلوم أن مرض السكري مثلا ملازم لصاحبه ويحتاج إلى ضبط النظام الغذائي وأخذ الأدوية الازمة والمناسبة على حسبنوع أو حجم المرض ..كما أن كل مريض - وكل مرض - هو حالة مستقلة بذاتها لها النسبة المناسبة من الأدوية .. أيضًا مشاكل الإنجاب كثيرة ومتعددة وبالتأكيد حلها كلها ليس في عقار واحد فقط .. وأنقاص الوزن لن يأتي أبدصا بحزام أو حبة دواء فأن لم يتم معرفة السبب وراء زيادة الوزن وعمل نظام غذائي مناسب مع ممارسة بعض الرياضة فلن يتم الحصول على جسم مقبول وصحي .
إذًا كل هذه الإعلانات والدعاية كذب في كذب ونصب معتمد على أحلام المشاهدين أو المنصوب عليهم ولكن للأسف الشديد يتم النصب بشكل علني ومعروف للجميع ويدخل معظم البيوت دون رادع .
نصب من احقر أنواع النصب لأنه يتلاعب بأحلام الناس وأمالهم .. ولن أعفي الناس - المنصوب عليهم - من المسؤولية فهم أيضًا يبحثون عن الحلول السريعة المريحة للخلاص من مشاكلهم أو أمراضهم .. واتمنى أن يعلم جميع من يصدق مثل هذا الكلام ويجري وراءه أنه لا يوجد حلول من هذا النوع وتكون ذات فائدة تذكر - إن لم ينتج عنها سلبيات - فالحلول المجدية تكون دائمًا بالتعب وبعض المعاناة والصبر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق