الأربعاء، فبراير 20، 2008

إنها الأمومة ... قصة قصيرة


بسم الله الرحمن الرحيم


&&&.. إنها الأمومة.. &&&


عادت إلى بيتها وكلها فرحة .. فرحة جعلتها كالطير المُحلق فى السماء ،كل من يراها يُجزم إنها عثرت على كنز الكنوز.
دخلت إلى غرفة نومها و أرتدت أفضل ثيابها وجلست في إنتظار عودة زوجها ..وعندما عاد أستقبلته بإشراقة بوجه كالقمر..وزفت إليه الخبر بأفضل الكلمات وأعذبها ...خبر حملها .

صدمه الخبر بشدة وتحولت الصدمة إلى غضب تحول إلى هتاف :
-مستحيل..مستحيل أن يستمر هذا الحمل مستحيل .
ردت عليه وهى تغالب دموعها الحزينه وهى تجاهد لتنحدر على خدها :
- لماذا ؟؟
رقت نبرة صوته أمام حزنها وألمها الواضح وهو يقول :
- إنكِ تعلمين جيداً لماذا ..إنكِ تعلمين ان صحتك لن تتحمل مجهود الحمل وخاصة الولادة ..ولقد إتفقنا من البداية على منع حدوث هذا الأمر ..أليس كذلك ؟
- بلى .. ولكن أقسم لك إنني لم أخالف ما إتفقنا عليه مطلقاَ ..ولكنها مشيئة الله -عزوجل- ولن اتنازل عن إتمام الحمل مهما كانت النتائج.
-ماذا؟؟!!!
أغرقت الدموع وجهها وهى تقول :
- أرجوك ..لقد حدث الحمل لحكمة لا يعلمها سوى الله -سبحانه وتعالى- هناك سبب ما لا أعلمه ..وإن كانت حياتى ستنتهى بعد أشهر -وهذا شيء لا يعلمه إلا المولى -عز وجل- فلن أتنازل عن الطفل لن أتنازل عن الأحساس الرائع الذى غمرني ما أن علمت بوجود الطفل بداخلى وسكونه بجانب قلبى ينمو ويكبر يوم بعد يوم ..لن أتنازل حتى وأن كان أخر عمل أقوم به في عمري .
- وماذا عني ؟ ألم تفكري في ولو قليلاً ؟؟
- أرجوك أفهمني ..لو حياتي ستنتهي بعد أشهر -أي كانت الأسباب - أليس من الأفضل أن أترك لك جزء مني بجانبك ؟

لم يجب على سؤالها مما جعلها تتابع :
- إن هذا الطفل هو جزء منك ينمو بداخلي فلا تحرمني من تلك المتعة ولا تحرم نفسك من الأبوة ..لقد عشت معك أجمل سنوات عمري جربت معك كل مباهج ومتع الحياة مما أحله الله -عز وجل- ولكن متعة حمل طفل بداخلي هو جزء منك أنت زوجى وحبيبي متعة لا مثيل لها لأي امرأة في كل زمان ومكان ..ان وجود هذا الطفل بداخلي يجعلني أقوى يجعلني أنظر للحياة بنظرة جديدة كلها حب وسعادة وتفاؤل وجمال ..
انهارت وهى تقول :
- أرجوك ..لا تجعلني أتخلى عن هذا الحمل .

ضمها إلى صدره بحنان لا حد له ، وقلبه يتمزق من خوفه عليها ..ولكنه أمام تمسكها الشديد بالطفل لم يستطع إلا الموافقة على أن تتابع حملها عند طبيبها الخاص والمتابع لحالتها مع الإتفاق مع طبيبة لأمراض النساء .

طوال أشهر الحمل وهو يدعو الله -عز وجل -أن يكتب لها النجاة .. وهي أيضاً كانت دائمة الدعاء لله .. لطالما قاموا الليل معاً مع الدعاء لله -عز وجل - أن يكتب لها السلامة ويرزقهم الولد الصالح .

كانت طوال فترة الحمل وهي تحيا فى عالم أخر .. كانت تحيا في سعادة وصفاء وهدوء نفسي .. وتجهز كل شيء لقدوم وليدها ..كانت تقول لنفسها إن لم يكتب الله لها النجاة فهي على الأقل من إختارت كل شيء لحياة طفلها.
وحان موعود خروج المولود للحياة ..وبداخل المستشفى -وتحت إشراف طبيبها المعالج والطبيبة المشرفة على حملها -تمت الولادة ومرت عليه لحظات الولادة كأنها سنوات وهو فى إنتظار إنتهاء عملية الوضع والأطمئنان على زوجته الغاليه التى كان قد حرم نفسه من الإنجاب كي ينعم بقربها منه ..وأخيراً خرج الطبيب من غرفة العمليات ..وتحقق ما كانوا يدعون الله به ليل نهار .. زوجته قد مرت بالولادة ولم يحدث لها مكروه فقط تنتظر فى العنايه فترة قصيرة تمر بسلام -بإذن الله - وتخرج لزوجها وطفلها ..غمره شعوراً بالارتياح غاب عنه طويلاً ... وذهب كي يرى ابنه ....لأول مرة يشعر معنى أن يكون أب كانت عندما وقع بصره عليه ..وياله من شعور ..لا تستطيع أبلغ الكلمات على وصفه ..
ويا سبحان الله -العلي القدير - الرجل لا يشعر بمعنى الأبوة إلا عندما يرى إبنه أمام عينه ويصبح واقع ملموس .. أما المرأة تشعر إنها أم ما أن تعلم بوجود الطفل بين أحشاءها .. تشعر به وبنبض قلبه بجانب قلبها .. تشعر بروحه داخلها ..سبحانه مخرج الروح من روح ..
أفاقت من تلك الذكريات على رنين الهاتف :
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..مرحباً يا أمي ..لقد ظهرت النتيجة ..نجحت وبتقدير جيد جداً .
-ألف مبارك لك يا ولدي .
- أمي لقد إتصلت كي إخبرك بنجاحي ..وإنني وبعض أصدقاءي سنحتفل معاً ..هل لديكِ مانع ؟؟
- لا تمتع بوقتك. لا إله إلا الله
-سيدنا محمد رسول الله .
أغلق الخط معها ورددت هي :
- في رعاية الله وحفظه يا ولدي .
ثم توجهت بنظرها إلى صورة لزوجها وفي أعلى الصورة شريط رفيع أسود اللون كئيب المعنى ..وإستغرقت في باقى ذكرياتها ..
لقد توفى زوجها بعد سنوات قليلة من مولد إبنهم ..هو من تركها وحدها وفارق الحياة ..ولكنه ترك لها جزء منه وكما راعته بداخلها وبين أحشاءها راعته بعد رحيل زوجها وتحملت مسئوليته كاملة إلى أن تخرج الآن ويستطيع تحمل مسئولية نفسه بنفسه ويراعي ما تركه والده له ..
لقد علمت الآن حكمة المولى - عز وجل - من حملها وإنجاب طفلها بسلام .. إنه كان الدافع لها فى الحياة بعد رحيل زوجها ، هو من جعلها تتمسك بالحياة جعل لحياتها هدف تحيا من أجله .
إنها الأمومة التي جعلتها تمر من محنة فقدان الزوج الحبيب هي ما جعلتها تقاوم في الحياة ..إن تلك العاطفة لقادرة على المستحيل بحق ... جعلتها تواصل المشوار وتتحدى الصعاب إلى أن وصلت بواليدها إلى بر الأمان .. ووصلت معه إلى المرحلة التي يستطيع أن يتحمل كل المشاق عنها .. الآن تستطيع أن ترتاح ..والآن فقط

**************
تمت بحمد الله
**************

هناك تعليقان (2):

نجوى سعيد يقول...

الغالية جيجي

ماكنت لأقيم قلمك وأنتي أغلى عندي من ذاتي فكيف أقيم ذاتي ؟

أعزك الله ورزقك الخير بدون مشقة أو جهد أو احتساب لمصدر أو بشر

أحبك فالله
نجوى سعيد

جيهان علي يقول...

غاليتي نوجا

لكِ جزيل الشكر على تواجدك وتشجيعك الدائم لي
فأنت نعم الأخت والصديقة
لا حرمني الله وجودك بجواري
ويجمعنا في جنة الخلد معًا


أحبك الذي أحبتيني فيه


في رعاية الله