بسم الله الرحمن الرحيم
الـمـعـايـيـر الـمـزدوجــة
نعيش الآن في زمن يتعامل فيه الناس بمعايير مزدوجة - إلا من رحم ربي - فتجد من يتكلم عن قيم معينة واخلاقيات فاضلة وتجد مناظرات عن القيم التي يجب اتباعها في المجتمع وفي نفس الوقت لا يتم تطبيق هذا الكلام ممن يتكلمون به وتطبيقه في الحياة والتعاملات .. ففي نفس الوقت الذي نستنكر فيه أخطاء غيرنا نجد أنفسنا نأتي نفس الأخطاء او أخطاء مشابهة ولا تقل استنكارًا مما ننتقده في غيرنا .. دون أن نوجه نفس الاستنكار واللوم لأنفسنا ولتصرفاتنا .
وقد نصدر حكم على غيرنا خاصة ما لا يهمنا أمرهم أو من نتعامل معهم ونتضرر من أفعالهم ويكون حكمنا عظيم وكبير وعندما يصدر نفس الأخطاء من إناس اقارب لنا أو من أنفسنا لا تكون نفس الأحكام ضدهم بل قد نبحث عن مبررات لتبرير هذا الخطأ وقلب الحقائق وإن لم نجد ما يبرر الخطأ نصغره أو لا نلتفت له من الأساس .
ومثال على ذلك - وليس الحصر - قد يقترف الابن خطأ لا يتم معاقبته عليه أو لا نهتم حتى بتوجيه عتاب ولوم له خاصة لو خطأه هذا في حق الأخرين في نفس الوقت الذي إذا ما ارتكب غيره نفس الخطأ لا نترك له عذر واحد على فعلته ونقول فيه قصائد من زم وهجاء له وللخطأ الذي وقع فيه . وعلى نفس المثال لو وقعنا نحن في الخطأ كما قلت من قبل .
فهذه معايير مزدوجة حيث تحكم على نفسك وتصرفاتك أو تصرفات من يهمك أمره بحكم وعلى غيرك ومن لا يهمك أمره بحكم اخر وفي أغلب الأحيان يكون حكمك على غيرك من منطلق الاخلاقيات والحق والعدل ولكن عندما يقترب منك الخطأ لا ترى حق ولا عدل ولا أخلاقيات حميدة تحكمك في تصرفاتك . فبهذا نكيل بمكيالين ولا عدل أحكامنا وفي الوقت الذي نحكم فيه بمعيار واحد لا يختلف على الجميع بنفس الميزان - هذا إذا ما كان لنا الحكم على غيرنا - سيسود العدل فيما بيننا وإنا ساد العدل سيتغير من حياتنا أمور كثيرة للأفضل وسنكون أكثر تطهيرًا لأنفسنا لأننا نرى أخطاءنا أخطاء يتوجب التوبة والندم عليها ومعاقبة النفس على الوقوع فيها .