بسم الله الرحمن الرحيم
الـمـرأة والإسـلام وواقـع حـيـاة
لا أحد ينكر فضل الإسلام على المرأة لحفظ كرامتها ومكانتها في الحياة .. ومن ينكر هذا فأما أنه لا يعلم شيء عن حال المرأة وتاريخها قبل الإسلام وبعده أو إنه أنبهر بما حققته المرأة في بلاد غير الإسلام بعد فترة طويلة من العيش في عصور مظلمة بالنسبة للمرأة وحتى فترة قصيرة قبل إثارة حقوق المرأة والمساواة وما شابه ذلك .
وبغض النظر عن إتفاقي مع من ينادون بالمساواة من عدمه فهذا موضوع أخر قد يكون له موضع آخر – إن شاء الله - .. ولكني الآن أردي طرح موضوع هام جدًا – بالنسبة لي على الأقل – يلح على عقلي كثيرًا ولذلك قررت مناقشته ... المرأة والإسلام وواقعنا الحالي ...
كل من يتكلمون باسم الدين ويتحدثون عن دور المرأة في الحياة يقصرون دورها في بيتها وزوجها وأبناءها وإنها " إن كانت نصف المجتمع فهي من تقوم بتربية وإخراج النصف الآخر " .. وأن للرجل العناء والتعب والسعي على الرزق وعليها هي رعاية شئون بيتها .. جميل ولا إختلاف على ذلك فأنا أرى أن عظمة المرأة الحقيقية عظمة أمومتها ولكن وفي ظل واقع الحياة الحالي وارتفاع سن الزواج هذا إن حدث في الأساس .. هل نظل على أن المرأة دورها في بيتها ؟؟
وأين بيتها هذا من الأساس حتى تؤدي دورها فيه ؟؟
الجميع يتكلم عن فئة وينسى فئة أخرى .. ومع تكرار هذا المفهوم ترسخ في الأذهان فالكل لا يجد للمرأة دور إلا زوجة وأم ويضغط المجتمع حتى أن معظم الفتيات أصبحن يصلون كل ليلة تقريبا ويدعون أن يرزقهن الله – سبحانه وتعالى – بالزوج ليستطعن ممارسة دورهن الذي خلقن من أجله – كما تم التصوير لهن - في الحياة من خلاله .
وإن لم يأتي هذا الزوج المنتظر تبدأ المشاكل النفسية والإجتماعية وهذا عائد أن الفتاة والمجتمع ككل تصرف على أن الأنثى ليس لها دور في الحياة أو هدف إلا هذا .
فهو الهدف الذي تم تعريفها عليه على الرغم أنها ليس لها أدنى دخل في تحقيقه .
ورغم ذلك تتحمل هي مسئولية عدم حدوثه وتشعر بالضياع وان حياتها بلا قيمة مع أن الله - سبحانه وتعالى – لم يخلق مخلوق مهما كان ضئيل إلا بحكمة وفائدة .. فكيف لو كان هذا المخلوق هو أكرم المخلوقات جميعها ألا وهو الإنسان سواء كان ذكرًا أو أنثى ؟!
وهذا أيضًا ينطبق إلى حد كبير لمن لم يرزقهن الله – عز وجل – بالذرية وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى هذا أو ذاك فأن هذا أمر واقع نحيا فيه ويجب معالجته .
فيجب أن يتغير الخطاب الديني للمرأة أو الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد فلا يعقل أن يكون الكلام الموجه للمرأة كله ينصب في جهة واحدة فقط .. لا اقول أن تتخلى المرأة عن فطرتها في ان تصبح زوجة وأم ولكن فقط ان لا نساعد الفترة أن تصبح هوس لدى الفتيات فينتج عن هذا الهوس أما بيوت عنكبوتية ضعيفة نتيجة للتسرع وسوء الاختيار فالمهم أن تصبح زوجة وأم فقط أو عقد نفسية تتولد لدى الفتيات بعد ذلك .
يجب أن يتم تغذية عقل الفتاة لتعدد أهدافها في الحياة تجعل حيز من حياتها لفطرتها سالفة الذكر فلن ننزعها ولكن أيضًا بجانب هذا يجب ان يكون لديها أهداف أخرى .. تبحث بداخلها عن مواهب وهبها الله – سبحانه وتعالى – لها وتنميها وتعمل عليها لتستغل وقتها وجهدها في عمل مفيد تستفيد هي منه ويستفيد المجتمع المحيط بها أيضًا من جهدها وتواجدها في الحياة .
وهذا لا ينطبق على الفتيات اللاتي لم يتزوجن فقط بل على من لم يوفقن في زواجهن أيضًا فالحياة لم تنتهي وعلى الزوجات والأمهات أيضًا اللاتي كبر أبناءهن وليدهن من الوقت والجهد الذي لا يعرفن كيفية استغلاله لأنها لم تعرف لها هدف سوى أبناءها .
نعم دور المرأة في بيتها عظيم لا خلاف على ذلك ..
نعم تنشأت جيل جديد برعاية الأم واهتمامها وحنانها شيء لا يمكن الاستغناء عنه أبدًا ..
ولكن للنظر إلى واقعنا الحالى وإلى فتياتنا قليلًا ..
لنولد لديهن أهداف أخرى ليعشن حياة مستقرة نفسيا وليستفيد منهم المجتمع في طرق مختلفة فهن طاقة معطلة ..
واتمنى أن لا نحصر المرأة في دور واحد فقط وهدف واحد فقط إن لم يتحقق كأننا نقول لها " لا يوجد لكِ فائدة في الحياة .!! "
فالله – سبحانه وتعالى – لم يخلقها عبثا ..
فهناك من خلقت لتكون أم عظيمة تخرج جيل منير متميز .. وهناك من خلقهن لأهداف أخرى .
فلنشجها لمعرفة الهدف بدلًا من فرض هدف واحد يولد اليأس بعد فترة لعدم تحقيقه .
فلا أعتقد أن هناك في الإسلام ما يمنع المرأة أن يكون لها دور فعال في الحياة بخلاف بيتها كما يتم تصوير الأمر دائمًا وبشكل مبالغ فيه بل بالعكس الإسلام يشجع كل إنسان أن يكون له عمل يفيد به الأخرين ويفيد به نفسه أيضًا .